بالأمس عندما كنت عائدة إلى المنزل على المترو في برلين، كانت هناك امرأة عجوز، جالسة أمامي و كأنها النسخة الألمانيّة لجدتي اليمنية. عيونها المليئة بالدفيء والعاطفة تتناقض مع الأسلوب الجاف التي كانت تعطيه للشخص الجالس بجانبها ربما كان ذلك بسبب قربه الشديد منها. شفتيها تشير إلى عدم الراحة، بنفس الطريقة التي تحرك جدتي شفتيها عندما تكون منزعجة. كدت على وشك أن أضحك بصوت عالٍ مبتهجه بما أرى أمامي وأردت أن أقوم وأعانقها حالا. لكني نظرت إليها فوجدتها مستغرقة في القراءة.
نعم إنها تقرأ!
في حين يعتبر هذا عمل طبيعي جدا هنا ، إلا انه في اليمن لا يوجد مثل هذا الإقبال على المطالعة لأسباب عدة منها أن ٦٠ في المئة من النساء أميّات، ولذلك تعتبر القارئة شيء نادر و مميّز.
ثم خطر في ذهني ذلك اليوم الذي كانت جدتي مريضة في المستشفى، وكانت الأسرة مجتمعة حولها. في ذلك اليوم خرجت لشراء ماء للزوّار، ووجدت مجلة فيها مقال عن المسلسل التركي الذي تتابعه جدتي، فاشتريت المجلّة وفي بالي ان المقال سيعجبها، وسيساعدها على تمشية الوقت في المستشفى.
عندما عدت إلى المستشفى أعطيتها المجلة، وقالت لي: "شكرا لك، هناك العديد من الصور الجميلة في هذه المجلة". وفي تلك اللحظة تذكرت أن جدتي لا تستطيع القراءة. بالطبع كنت أعرف أنها لا تقرأ، ولكن لم أستشعر هذه المعلومة حتى تلك اللحظة.
أدركت أيضا شيئا آخر: وجود تحوّل في عائلتي. جدتي ، لا تستطيع القراءة أو الكتابة، ووالدتي تخرجت من الثانوية، وأنا لدي درجة الماجستير. هذا بالفعل شهادة للتغيرات التدريجية التي حدثت وتحدث في مجتمعنا بشكل بسيط وبدون توسع افقي، ولكن هناك للأسف الكثيرات اللاتي لم تكن لديهن هذه الفرصة.
هناك الآلاف من النساء الشابات اللاتي يصادفن مشاكل كثيرة، لا تقتصر على عدم معرفتهن بفتح الفيسبوك أو تويتر فحسب وإنما لانهن لا يعرفن للقراءة أو الكتابة.
منذ وقت طويل لم يكن المجال الدراسي مفتوحا أمام النساء، وفي العهد الجمهوري تركز التعليم على المدن الكبيرة، أما في الأرياف فقد منعتهن عن الدراسة عدة أسباب؛ إما بسبب عدم وجود مدرسة في قريتهم، أو لأن المدرسة بعيدة جدا، أو لأنهن اضطررن إلى العمل لمساعدة الأسرة، أو لأنهن تزوجن صغيرات، أو لأن الدولة لم تطبق قانون إلزامية التعليم ولم توفر المدارس بالشكل المطلوب.
اليوم، العديد يتحدث عن أهمية المشاركة السياسية للمرأة، وهذا مهم جدا، وضروري جدا، ولكن يتعين علينا ألا نتجاهل الحاجة الماسة إلى الرعاية الصحية الكاملة، والتعليم الكافي للنساء. للأسف كثير من الحركات النسائية تركز فقط على الحقوق السياسية، وتتجاهل الحقوق الأساسية، وبذلك، فإنها تتجاهل الجزء الأكبر من احتياجات المجتمع النسوي.
أتذكر عندما كنت في زيارة لقرية بالقرب من العاصمة التقيت بشاب في السادس من عمره، في غاية الذكاء، تحدثنا لبعض الوقت ودعاني للقاء والدته، أخذني إلى منزلهم، وعندما دخلت، لاحظت أن الأم لديها طفل مريض ممدد بجانبها.
عندما رأتني، سألتني، "هل تعرفي تقرئين؟" قلت لها: نعم. قالت: "زوجي اشترى هذا الدواء، ولكن أنا لا أعرف كيف أعطيه لطفلي." أخذت العلبة وقرأت لها التعليمات بصوت عال . وجودي هناك كانت صدفة إلهية ولكن ماذا عن العديد من الأوقات عندما لا يوجد أحد للمساعدة؟.
عندما كنا في ساحة التغيير، بدأت بعض النساء دورة لمحو الأمية في إحدى الخيام،.وكانت تلك مبادرة رائعة، وكانت هذه فرصة مذهلة للمرأة للمشاركة والتعلم ولبناء مشاركة مجتمعيّة حقيقيّة.
دعونا جميعا نعمل معا للمطالبة من الحكومة إعادة برنامج فصول محو الأمية التي كانت تطبق في السابق، ودعونا أيضا نطالب بالتعليم والرعاية الصحية للنساء وأن تكون هذه المطالب من الأولويّات السياسيّة في مؤتمر الحوار الوطني
نعم إنها تقرأ!
في حين يعتبر هذا عمل طبيعي جدا هنا ، إلا انه في اليمن لا يوجد مثل هذا الإقبال على المطالعة لأسباب عدة منها أن ٦٠ في المئة من النساء أميّات، ولذلك تعتبر القارئة شيء نادر و مميّز.
ثم خطر في ذهني ذلك اليوم الذي كانت جدتي مريضة في المستشفى، وكانت الأسرة مجتمعة حولها. في ذلك اليوم خرجت لشراء ماء للزوّار، ووجدت مجلة فيها مقال عن المسلسل التركي الذي تتابعه جدتي، فاشتريت المجلّة وفي بالي ان المقال سيعجبها، وسيساعدها على تمشية الوقت في المستشفى.
عندما عدت إلى المستشفى أعطيتها المجلة، وقالت لي: "شكرا لك، هناك العديد من الصور الجميلة في هذه المجلة". وفي تلك اللحظة تذكرت أن جدتي لا تستطيع القراءة. بالطبع كنت أعرف أنها لا تقرأ، ولكن لم أستشعر هذه المعلومة حتى تلك اللحظة.
أدركت أيضا شيئا آخر: وجود تحوّل في عائلتي. جدتي ، لا تستطيع القراءة أو الكتابة، ووالدتي تخرجت من الثانوية، وأنا لدي درجة الماجستير. هذا بالفعل شهادة للتغيرات التدريجية التي حدثت وتحدث في مجتمعنا بشكل بسيط وبدون توسع افقي، ولكن هناك للأسف الكثيرات اللاتي لم تكن لديهن هذه الفرصة.
هناك الآلاف من النساء الشابات اللاتي يصادفن مشاكل كثيرة، لا تقتصر على عدم معرفتهن بفتح الفيسبوك أو تويتر فحسب وإنما لانهن لا يعرفن للقراءة أو الكتابة.
منذ وقت طويل لم يكن المجال الدراسي مفتوحا أمام النساء، وفي العهد الجمهوري تركز التعليم على المدن الكبيرة، أما في الأرياف فقد منعتهن عن الدراسة عدة أسباب؛ إما بسبب عدم وجود مدرسة في قريتهم، أو لأن المدرسة بعيدة جدا، أو لأنهن اضطررن إلى العمل لمساعدة الأسرة، أو لأنهن تزوجن صغيرات، أو لأن الدولة لم تطبق قانون إلزامية التعليم ولم توفر المدارس بالشكل المطلوب.
اليوم، العديد يتحدث عن أهمية المشاركة السياسية للمرأة، وهذا مهم جدا، وضروري جدا، ولكن يتعين علينا ألا نتجاهل الحاجة الماسة إلى الرعاية الصحية الكاملة، والتعليم الكافي للنساء. للأسف كثير من الحركات النسائية تركز فقط على الحقوق السياسية، وتتجاهل الحقوق الأساسية، وبذلك، فإنها تتجاهل الجزء الأكبر من احتياجات المجتمع النسوي.
أتذكر عندما كنت في زيارة لقرية بالقرب من العاصمة التقيت بشاب في السادس من عمره، في غاية الذكاء، تحدثنا لبعض الوقت ودعاني للقاء والدته، أخذني إلى منزلهم، وعندما دخلت، لاحظت أن الأم لديها طفل مريض ممدد بجانبها.
عندما رأتني، سألتني، "هل تعرفي تقرئين؟" قلت لها: نعم. قالت: "زوجي اشترى هذا الدواء، ولكن أنا لا أعرف كيف أعطيه لطفلي." أخذت العلبة وقرأت لها التعليمات بصوت عال . وجودي هناك كانت صدفة إلهية ولكن ماذا عن العديد من الأوقات عندما لا يوجد أحد للمساعدة؟.
عندما كنا في ساحة التغيير، بدأت بعض النساء دورة لمحو الأمية في إحدى الخيام،.وكانت تلك مبادرة رائعة، وكانت هذه فرصة مذهلة للمرأة للمشاركة والتعلم ولبناء مشاركة مجتمعيّة حقيقيّة.
دعونا جميعا نعمل معا للمطالبة من الحكومة إعادة برنامج فصول محو الأمية التي كانت تطبق في السابق، ودعونا أيضا نطالب بالتعليم والرعاية الصحية للنساء وأن تكون هذه المطالب من الأولويّات السياسيّة في مؤتمر الحوار الوطني
No comments:
Post a Comment